اشكركم جميعا على سؤالكم عني
بصراحة لم اقل انني ساسافر او ساغيب لانني لم اتخيل ا ن احدا سيفتقدني ولكنني سعدت جدا بسؤالكم واهتمامكم فجزاكم الله خيرا
انا والاسرة متعودين نسافر كل سنه في نفس الميعاد والى نفس المكان .. مدينه صغيرة هادئة بحرها جميل وليس بها صخب المصايف المعتاد ولا زحامها الفظيع .. يتاح لي فيها ان امارس عبادة التامل في ملكوت الله سبحانه كما تفعل داعية المستقبل مع البحر والغروب والسماء والنجوم التي لا اراها هنا في القاهرة .. والسنه دي كمان كان القمر بدر وحضرنا النصف من شعبان هناك..
عادة نقابل في المصيف ناس زينا زبطوا اجازتهم في نفس المكان ونفس الميعاد .. جمعنا حبنا للهدوء وخصوصية المكان
السنه اللي فاتت وانا قاعدة على البحر مع الولاد قرب الغروب حاطة رجلي في المية وبالعب بالرمل والناس بتتمشى على البحر لفت نظري بنتين عدوا من قدامي لابسين ملابس طويلة وشرابات وماشيين على الرمل والموج يجيلهم !! رفعت عيني لقيت واحده منتقبه والتانيه محجبه حجاب سابغ وطويل.. كنت ساعتها بقالي سنه في مشوار حفظ وتجويد القران الذي لم يضف لي وقتها شيئا بل زاد من حيرتي وتخبطي وقلقي بخصوص مفاهيم العلم والعمل والالتزام والثبات ..
وكنت دائما اقول لنفسي ما احنا حلوين اهه هو احنا بنعمل حاجه وحشة يعني لازم نزنقها على نفسنا .. الدين يسر.. وحاجات كده
فلما شفت منظر الشرابات اللي مليانه رمل والهدوم الطويلة اللي اكيد تقلت من المية وانا قاعدة مشمرة بنطلوني استغربت قوي
هم مستحملين كدة ازاي
استجمعت شجاعتي وهم راجعين وقفتهم وسلمت عليهم وتعرفت عليهم ولقيتهم لسه ما اتخرجوش من الجامعه وفي كليات قمه كمان وسالتهم السؤال ده
وبدا حوار طويل
لهم سنين مش بيتغيروا
بيطيعوا ربنا وبس
مش هاممهم الناس والحاجات الحلوة الكتير اللي حارمين نفسهم منها .. صابرين على الطاعة.. متحملين المكاره
ردوا على برد عمري ما كنت اتوقعه
قالولي احنا مش شايفين الا الجنه قدامنا .. اليها نعمل .. هي هدفنا .. مش بنبص لا يمين ولا شمال..
بنذاكر وبنتفوق وبنعمل كل اللي علينا في الدنيا
لكن الاخرة ليها عمل تاني .. لاننا في لحظة هنموت ومش هيبقالنا غير عملنا .. فزي ما بنعمل للدنيا لازم كمان نعمل للاخرة ..
واحنا ما طلعناش لقينا نفسنا كده.. احنا كنا زي كل ملايين البشر مش في دماغنا حاجة غير دنيتنا وبس لحد ما اتعلمنا صح وعرفنا ربنا عايز مننا ايه
واحنا مش دافنين نفسنا ولا حاجة الصبح بدري بنلعب راكت وبننزل البحر وساعة الغروب بنتمشى على البحر ونقول اذكار المساء
حبيتهم قوي وافترقنا لان ده كان اخر يوم لنا في المصيف
وفضلوا معلقين معايا طول السنه وحكيت لكل اصحابي عنهم بس انا فضلت زي ما انا .. مازادش علي حاجة بل بالعكس
بس كنت دايما فاكراهم واسال نفسي انا ليه مش باعمل زيهم .. ناقصني ايه ؟
وزاد حفظي للقران وزادت حيرتي وقلقي
والسنه دي .. لما سافرت المصيف في نفس الميعاد ولنفس المكان .. كنت باتمنى اقابلهم تاني
عدوا اول اربع ايام منغير ما اشوفهم ..
وفي يوم وانا قاعده على الرمل وقت الغروب مع الولاد .. مشمرة بنطلوني.. وبعمل على الرمل عروسة البحر وظهري للشمس وهي بتغيب.. عدت من ورايا شرابات وملابس طويلة رفعت راسي بعد ما عدوا .. وفرحت قوي هما ايوه هما .. هما زي ما هما وانا زي ما انا.. ولا كإن عدت سنه طويله.. واتكسفت قوي من نفسي .. ايه اللي انا حققته وزاد علي في سنه.. على الاقل هم لسه على التزامهم وصبرهم على الطاعة .. هديت تمثال عروسة البحر.. وقمت نزلت بنطلوني .. وقعدت استناهم وهم راجعين.. واول ما قربوا جريت عليهم .. لقيتهم فاكرني بالاسم وسلموا على بشوق وحضنوني.. وانا اللي كنت نسيت اساميهم.. واتكلمنا
واتفقنا نتقابل كل يوم الصبح بدري وساعة الغروب.. حكيت لهم كتير عن تخبطي وافكاري وسمعولي بصبر وحاوروني.. وقللوا كتير من شان التزامهم وقالولي ان كلامي بين لهم قد ايه هم مقصرين ..
وسالوني طب والقران اللي انت بتحفظيه؟
قلت لهم مش معلق معايا غير ايه سورة النساء " ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما"
المرة اللي بعدها ادوني كتاب اسمه " 10 مفاتيح لتدبر القران " بيتكلم عن القراءة والحفظ والفهم والتدبر للقران وبيقول ان اهدافنا لقراءة القران هي الثواب والعلم والعمل والشفاء ومناجاة الله تعالى
وان كل ايه كان الصحابة والتابعين يقفون عندها يفهمونها ويتدبرون ماذا يريد الله منهم فيها فيعملون به
وان ايات القران لابد ان تكون حية في اذهاننا نراها في كل مواقف الحياه فنكون على صلة دائمه بالله
وان الحسن البصري رضي الله عنه قال " اقرأ القران ما نهاك فان لم ينهك فلست بقارئ"
ولقيت في الكتاب اية كاني اراها لاول مرة .. " ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون" الجاثية 21
وهنا حسيت باحساس تاني
ولقيت اية تانية " واذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول ايكم زادته هذه ايمانا فاما الذين آمنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون" التوبة 124
ساعتها شفت حياتي والدنيا كلها بعين تانية
واتعلمت حاجة مهمة
مش بالتمني ولا بالكلام
بالعمل والمجاهده والصبر زي اللي بيتعب وهو بيادي تمارينه في الجيش عشان القائد بتاعه ما يعاقبهوش ولا اللي بينقص وزنه عشان يبقى رشيق والا اللي بيسهر عشان يطلع من الاوائل كل واحد بيتعب عشان يحقق هدفه .. طب انا ايه هدفي؟
ولله المثل الاعلى
قرات في هذا الكتاب : قال ثابت البناني " كابدت هذا القرآن عشرين سنه ثم تنعمت به عشرين سنه" فقف عند الباب حتى يفتح لك
المرة دي خدت تليفونات البنتين وايميلاتهم
المرة دي رحت حلقة تحفيظ القران باحساس تاني ونية تانية " اقرا وارتق فان منزلتك في الجنه عند آخر آية تقرؤها " او كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
ادعولي اتقدم لقدام وما ابصش تاني ورايا
ادعولي بالثبات
ادعولي بالاخلاص